موضوع: ..دمعة في فرح.. الإثنين سبتمبر 14, 2009 10:55 am
دمعة في فرح.. نقلتها من كاتبها .. فقال..
ها أنا أكسر ذلك الصمت الرهيب .. كنت صامتاً لأيام وشهور ربما .. وأنا أصارع القشة الأخيرة التي أعض عليها .. وكسرة أخيرة من ذلك القناع الذي أغطي به وجهي ..
لم أكن لأصبر كل هذه الأيام لولا قوة الله وعونه .. ثم ما تعلمته منك .. لقد لقنتني جيدا .. أن الرجل أكثر المخلوقات صبراً .. كنت أراقبك جيداً .. أتعلم منك ذلك الزخم الهائل من الأخلاق والفلسفات ..
منذ ستة أعوام وثلاث ليالي -يوم أن توفاك الله- كنّا في احتدام أمواج الوفاة والعزاء .. كنت لا أريد أن أفكّر بأي شيء .. فقط أريد أن أتوه مع مصافحة الناس لي .. ومع ألفاظ العزاء التي رددتها لهم ألف مرة .. وعشتها -وقتها- في كل لفظة ..
كانت فكرة واحدة ترعبني .. فقط همٌَ واحدٌ كنت أراه ثقيلاً حتى من أن أفكر فيه مجرّد تفكير .. ويتجدد ذلك الهم كلما دعيتُ إلى حفل زفاف صاحبٍ أو قريب ..
كيف سأقف عريساً !؟ كيف سأبتسم ذلك اليوم .. كيف سأستشعر التهاني وأنت لست بقربي !؟ أتذكر جيّداً يوم زواج أخي الأكبر .. أتذكر فرحتك بكل تفاصيلها .. أتذكر كم كنت أتمنى وقتها أن أتزوج .. فقط لأعانق ابتسامتك وهي موجةُ إليّ ..
وقفت وحيداً أبتسم في وجوه المهنئين .. كنت أترائى كلما أبصرتُ أحدهم من بعيد .. أتمنى أن أراك تمشي صوبي .. أتمنى فقط أن تعود إلى الدنيا ساعة .. أتمنى أن أصرخ في تلك القاعة : هذا أبي ! أتمنى أن أقدم لك كل أصحابي .. بكل فرح الدنيا .. أتذكر جيداً أخلاقك وتواضعك التي سحرت كل أصحابي ممن قابلك .. جميعهم عزوني بأنَّ روحك الطاهرة أثرت فيهم كثيراً .. أحبوك رغم أنهم لم يعيشوا يوماً معك .. فيالله ! ماذا عساني أن أقول !؟
خلوت بنفسي تلك الليلة لبضع دقائق .. وصارعت أعتى موج لدموعي كدّت أذرفه .. ترقبتك تطل خلف ذلك الباب مفاجئاً لي .. تمنيتك في كل لحظة ذلك اليوم .. ترقبتك في كل ثانية .. ولم تحضر !
اوووه يا أبي .. كنت عازماً أن أزور قبرك قبل زواجي بيوم .. علّي أتنفس شيئاً من ريحك الطاهرة .. وعلّ روحي تسكن بجوار روحك .. ولكنّي خذلت تماماً .. لم أقوى على ذلك أبداً .. بقيت عاجزاً حتى عن إدارة محرك سيارتي ..
صعدت إلى أعلى المنزل .. مررت بغرفتك ولم أطق حتى الإلتفات إليها .. كتمت كلّ شيء بصدري .. ولم أفضفض لأحدٍ أبدا ..
وحينما أطبقت عليّ ستة أعوام من رحيلك -قبل ثلاث ليال- أحسستُ أنّ جبلاً أطبق على صدري .. صبرت ليلة .. وليلتين .. ولم أطق الثالثة ..
أعلمُ تماماً أنّي مقصر في حقك كثيراً .. أعترف بعجزي عن أداء أقل الواجب في حقك .. ولكنّ شوقي لك يتجدد كل لحظة .. وكلما طالت مسافة البعاد اشتقت أن أقبّل رأسك ويدك وقدمك .. وأبكي كلما رأيت أباً وابنه .. أبكي أن تركتني في عزّ شبابي .. أبكي أن رحلتَ ونحن في أعظم الشوق إليك ..
يوم أن دخل رمضان هنئت من له الحق عليّ .. ووقفتُ والعبرة تخنقني عند أطلال ملحقك الأثير .. أحسست أن الأرض تبكيك .. والمنزل .. وكل شيء
أحبك جداً .. وأعلم أن الوصول إليك مستحيل .. فقط أتنفسّك في هذه الأحرف التي أكتبها .. أتخيل وجهك الوضّاء وأكتب ..
رحمك الله وأسكنك فسيح جناته .. وكل المسلمين .. آمين
مهند
دلوعة أهلها عضو بار
الرتبة : المشاركات : 804 تاريخ التسجيل : 24/02/2009
موضوع: رد: ..دمعة في فرح.. الخميس سبتمبر 24, 2009 4:27 am